وأنت تتجول، بالشارع الرئيسي، لمدينة فريانة الحدودية، تجد سيارات لا تحمل لوحات منجمية، راسية على طول الطريق الرئيسية، وعند استفسارك عن تلك السيارات، يتم اعلامك بانها تابعة لمهربين
وأنت تتجول، بالشارع الرئيسي، لمدينة فريانة الحدودية، تجد سيارات لا تحمل لوحات منجمية، راسية على طول الطريق الرئيسية، وعند استفسارك عن تلك السيارات، يتم اعلامك بانها تابعة لمهربين
سيارات تهريب مجهولة ومناطق خارج السيطرة
«نسكافي محترمة» هي كلمة السرّ للحصول على المخدرات من «الحمّاص
«الرواق» تغوص في عالم التهريب في مدينة فريانة الحدودية، لتشكل هذه الظاهرة، خطرا كبيرا على متساكني هذه المناطق، وتهدّد الأجيال القادمة، لما لها من تأثير كبير على الاوضاع الإجتماعية و الإقتصادية، وحتى الصحية…
كشف احد مهربي المواد المخدرة عن تفاصيل خطيرة في حديثه لـ»الرواق»، مؤكدا انه تجاوز العقد الرابع من عمره، وان رحلته مع التهريب، انطلقت منذ سنة 2013، فبعد خروجه من السجن، عجز عن إيجاد عمل، فقرر الالتحاق بعالم التهريب
وتابع المهرب ان هناك من كان يملك وكالة لكراء السيارات، يستعملها لمراقبة الطريق وتأمينه وهو ما يعرف بـ»شراء الطريق» حسب وصف المهربين، الذين يدفعون مبالغ مالية لبعض الدوريات الموجودة على طول المسالك المعتمدة، إلى ان وقع المهرّب الليبي في قبضة الأمن التونسي سنة 2015
وسطاء…على الخط
تعكر الأوضاع في ليبيا، جعل محدثنا، يغير نشاطه غير القانوني، نحو القطر الجزائري، لتنطلق رحلته في عالم تهريب المخدرات، إذ بدأت أول عملية تهريب سنة 2015 بجلب مادة «الزطلة» و أقراص»الإكستازي» عبر المسالك التي يتم اعتمادها في تهريب اغلب السلع الأخرى
وباستفساره عن خطورة المسالة، اكد ان نجاح نشاط تهريب المخدرات كان بفضل تواطؤ بعض الأمنيين والديوانيين، حسب قوله الذين يتسلمون رشاوى مقابل عدم القبض عليهم وحجز السلع المهربة، مؤكدا ان عمليات التبادل تتم عبر وسطاء تونسيين يؤمنون ايصال السلع المهرّبة الى التراب التونسي عبر الحمير، والعربات وحتى سيارات الأجرة دون ان يرى المهرب التونسي،الطرف الآخر الذي يوفر له هذه المواد
المخدرات في علب النسكافي
يقول المهرب ضاحكا» ن مادة القنب الهندي «الزطلة» وأقراص «الإكستازي» يتم تهريبها في علب القهوة «ناسكافاي»، وفي علب مادة «الكلوروفيل» ويتم ترويجها بعدد من الأكشاك بمدينة القصرين، ويصل ثمن القطعة الواحدة إلى 12 دينارا. مضيفا أنه من يريد الحصول على هذه المادة من نقطة البيع يقول «أريد علبة ناسكافاي محترمة» وهذه هي كلمة السر التي يعرف بها المروّج حرفاءه ومستهلكي هذه المادة
فعالم تهريب المخدرات وترويجها لا يقتصر على المهربين، بل يضم امنيين وموظفين من ذلك ايقاف عسكريين إثنين حجز لديهما 25 كلغ من «الزطلة» في شهر ديسمبر الماضي، في مدينة الشبيكة من ولاية القيروان، والمخدرات التي بحوزتهما كانا تسلماها من قبل مهرب ينشط بولاية القصرين، لترويجها في إحدى المدن الساحلية. كما سبق محاكمة عوني حرس و 4 أعوان من الحماية المدنية بين سنوات 2015 و2018، إثر الإطاحة بهم بصدد تهريب مادة القنب الهندي «الزطلة»، من القطر الجزائري نحو مدن الساحل، عبر المعبر الحدودي بوشبكة من معتمدية فريانة. وتمت ادانة عون حرس في جرائم مخدرات بسجنه 20 عاما سنة 2017 بعد تورطه في ترويج 20 كلغ من المخدرات
وفي نوفمبر الماضي، تم تفكيك شبكة لترويج الزطلة، وتم حجز حوالي 60 كلغ منها، وتبين أنه يقودها أحد كبار المهرّبين أصيلي القصرين يحمل لقب (خ) تم القبض عليه بداية سنة 2018 بمنطقة الحمامات، ورغم انه وراء القضبان فانه كان يشرف على عدد من عمليات تهريب والاتجار في المواد المخدرة
هذه العملية الامنية الناجحة، بمثابة سيناريو لفيلم عن المافيا، لكنه واقع بالقصرين ومدينة فريانة، التي اصبحت تحكمها مافيا تهريب المخدرات وترويجها، وحتى من تتم الاطاحة بهم يبقون على تواصل مع شبكات التهريب او يلتحقون بها اثر مغادرتهم المؤسسات السجنية
فعمليات التهريب لا تقتصر على إدخال المخدرات الى التراب التونسي، بل هناك عمليات تهريب ايضا لمواد طبية، لا يتم تعاطيها الا بترخيص طبي، على غرار مادة «المورفين» و «الإيريكا» والتي اصبحت تهرب بكميات هامة عبر المعبر الحدودي بوشبكة